Pages

السبت، 4 فبراير 2012

"تازة قبل غزة في القمع"


هذا العنوان استعرته من أحد المحتجين الذي كتبه على  ملصق صغير، ساخرا سخرية سوداء من  أصحاب مقولة "تازة قبل غزة " التي روجت لها جهات نافذة في الدولة، ردا على الحراك الشعبي المغربي المساند للقصية الفلسطسينية بصفة عامة وقطاع غزة بصفة خاصة، الذي كان يتعرض وما يزال للحصار والدمار، من طرف الكيان الصهيوني ومن والاه من الإخوة والأعداء.

تازة تنتمي الى المغرب العميق أو المغرب غير النافع بلغة الاستعمار، الذي انسحب عسكريا ، وبقيت سياسته واستراتيجيته راسخة في نفوس خلفائه على أرضنا ، ممن تعلموا في مدارسه وتربوا في أحضانه... يتوارثون وصاياه أبا عن جد وجيلا عن جيل...لذلك نرى هذا التفاوت الجهوي الفظيع : جهات تعرف نوعا ما  حركية اقتصادية واجتماعية، على علاتها وأمراضها المزمنة، وأخرى تعيش في عزلة تامة ، يقتلها التهميش والإقصاء وظلم ذوي القربى ، لا يتذكرها أحد إلا في معرض الحديث عن تنوع المغرب الجغرافي وغناه التراثي والفلكلوري!...

هذا الوضع المزري لم تنفع معه كل إجراءات الدولة والقائمة أساسا على سياسية الترقيع والبريكولاج، وحتى تلك التي  رافقها ضجيج كثير، ولغط إعلامي كبير ،فصورت على أنها  هي الخلاص والمنقذ من هذا الوضع المتأزم ، كما كان الشأن مع سمي بالمبادرة الوطنية للتنمية المباشرة ، فشلت في تحقيق المبتغى، والتي  يمكن أن نقول عنها أنها كانت ثورة في فنجان ، والدليل تذيل المغرب لسلم التصنيف الذي تضعه التقارير الدولية للتنمية البشرية إذا يحتل المغرب الرتبة 15 ضمن 20 دولة عربية مصنفة حسب تقرير 2011 ، وجاء ترتيبه 130 ضمن 181 دولة
وتراجع 16 درجة بالمقارنة مع تقرير 2010.
 
وفشلت هذه المبادرة، ليس فقط لأن مجموعة من لصوص المال العام والانتهازيين اعترضوا طريقها فحولوها لتنمية ثرواتهم الخاصة...ولكن أيضا –وهذا هو الأهم-
لانها كانت جوابا خاطئا عن سؤال المرحلة الذي كان يفرض تغييرا سياسيا حقيقيا ، يقطع مع منطق الوصاية على الشعب ، ويفكك البنية المخزنية القابضة بيد من حديد، على كل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

إن من شأن هذه السياسات الرسمية الممعنة في الإذلال والاهانة و"الحكرة" أن تنتج ردود أفعال متطرفة وراديكالية، تهدد وحدة البلاد واستقرارها وتماسك نسيجها
الاجتماعي ، فأن يقول مسؤول أمني لأبناء تازة "إلى كنتو صحراوة نخدموكم !  "
فهذا معناه حسب الخفي والظاهر من هذا الكلام هو: يا أبناء تازة عليكم أن تكونوا مثل أسيادكم الصحراويين الذين يحملون السلاح و يطالبون بالاستقلال، إذا أردتم أن تلفت إليكم الدولة وتستجيب لمطالبكم الخبزية. وإذا عم هذا المنطق وشاع، فسيصبح
الوطن شذر مذر، في ظل المخزن الضامن لوحدة البلاد والعباد! .
  واليوم بعد أن استحلت القوات المخزنية مدينة تازة ، حيث حاصرت الأحياء واقتحمت البيوت وعبثت بأثاثها واعتقلت أبناءها وطاردت الباقي خارج المدار الحضري إلى الغابات المجاورة.... من حقنا أن نسأل أصحاب مقولة "غزة قبل تازة"
ما مصير هذه الفكرة الخلاقة ؟ وكيف استبدلتم الاهتمام وإعادة الاعتبار بالقمع والحصار؟
     
    
 
   


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق