Pages

الجمعة، 29 أبريل 2011

تفجير مراكش

اهتزت مقهى الاركانة بساحة جامع الفنا يوم الخميس 28 إبريل على ايقاع تفجير إرهابي أودى بحياة خمسة عشر فردا حتى الان،وبعد أن كانت الاخبار الاولية تتحدث عن قنينة غاز تارة وعن أنابيب تارة أخرى ، ظهر وزير الداخلية ليقطع الشك باليقين حيث صرح بأن الامر يتعلق بعمل إرهابي استعملت فيه متفجرات قوية، فيما يرى محللون أن الامرقد تكون له علاقة بصراع داخل أجنحة الحكم التي أزعجتها الاحتجاجات العارمة التي تجتاح البلاد بقيادة حركة 20 فبرابر . 

الأربعاء، 27 أبريل 2011

حب الاوطان من الفطرة

مناسبة كتابة هذا المقال هي زيارتي لمسقط رأسي حيث أجواء عيد الاضحى تملأ المكان ، وقد انتابني إحساس غريب فأردت تسجيله هنا لبيقى شاهدا علي كإنسان يشتاق ويستوحش ويمل…ذلك أنه تملكتني عاطفة قوية اجتاحت كل كياني،تجاه المكان الذي ولدت وترعرعت فيه:ريفه ومدينته،ازقته وحقوله….أمشي منتشيا فرحا، أذرع الشوارع وأتجول في ألاسواق..وأتأمل الناس واستنشق الهواءبشراهة كأني بي أريد أ ن أحتفظ باحتياط منه في صدري  من أجل العودة أليه حين أكون  بعيدا …لو كان هذا الشعور شيءا ملموسا لبذلت كل ما في وسعي من أجل الوصول إلي كنهه ،لقد حيرني فعلا ، الان فقط فهمت معنى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تكلم بحنين عن  مكة:«ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيرك "هذا نبي الله ورسوله المصطفى ،يعبر عن مشاعره بدون عقدة ولاحرج، تعبير واضح وصريح عن الفطرة البشرية التي جبل الانسان عليها، فحبك للبلد الذي تنحدر منه ليس عيبا وأنما العيب هو التعصب والمتولج الذي تلج منه كل المصائب، وقد قدم لنا الرسول عليه صلوات ربي وسلامه المثال على حدود من التعصب والمحبة والتعلق، فحينما تعارض هذا الحب مع الدين ومصيره، فقد هكة وأهلها إلىحيث يمكن للدبن الجديد أن يتنفس ويزهر ويثمر، وعليه فمايروج له اليوم البعض من كون حب الاوطان من الايمان فلا أصل له إلا في مخيلة هؤلاء الذين يسعون إلى توظيف الدين بشطط لفي كل شئ؟ إنه حب أصيل في الانسان، فيحدث أن تغضب عليه أحيانا فتتمنى الرحيل والابتعاد عنه، لكن ما أن تبتعد ويطول غيابك حتى يرق قلبك وتراودك أحلام العودة بالليل والنهار…
بلادي وإن جارت علي عزيزة                   أهلي وإن ضنواعلي كرام

السبت، 16 أبريل 2011

المخزن يصنع أعداءه

المخزن يصنع أعداءه - Hespress
نورالدين لشهب
Sunday, April 10, 2011

"أتعس أنواع السلطة هى التي تفرض عليك أن تذكرها صباح مساء " همنغواي
أثناء زيارة لصديق صحفي بمقر جريدته، وجدت مواطنين مغربيين يشكوان له ما حل لساكنة حي الأندلس بمدينة طنجة، والقصة باختصار شديد كما حكاها أحدهما، هي أن ساكنة الحي (حي الأندلس) اشترت أرضا من الجماعة السلالية أيام الاستعمار الفرنسي بوثائق عدلية، وبعدما تم تفويت هذه الأرض لمجموعة العمران، ومساحتها 158 هكتارا بثمن بخس لا يتعدى 20 درهما للمتر، طلبت منهم السلطات المحلية إخلاء هذه الأرض لمالكها الحقيقي، السكان أصيبوا بصدمة قوية، واحتجوا في الشارع العام، وكاتبوا عدة وزارات، وبعد اتفاق ما بين السلطات دام خمسة أيام، انقلبت عليهم السلطة، وهددهم الأمن بسحقهم إن حاولوا الاحتجاج مرة أخرى، وقضية هؤلاء السكان لا زالت قائمة إلى حدود كتابة هذه الأسطر. ولكن ما أثار انتباهي في كلام المواطنين المتضررين، هي جملة قالها أحد المتضررين " شف أخاي العزيز.. أنا كنت تنشوف شي واحد يحتج وهو طالع لو الدم.. تنقول هذا خينا شبع خبز.. والآن أصبحت أعذر من يحتج ولو كان على باطل حتى يتبين لي العكس ومن شهود ثقاة" أما صديقه فقال: والله حينما يأتون إلى الحي ويشرعون في تهديدينا تقول لي زوجتي، واش أنت راجل ولا امرأة.. لو كنت أنت امرأة دعني أمت الآن بين هؤلاء" ويضيف هذا الشخص المظلوم " كان لدي فقط 7 مليون جمعتها مدة سنوات واقترضت 5 ملايين واشتريت البيت.. أنا الآن أفضل الموت .. على الحياة.. السجن ليس حلا لمشكلتنا.. ما ذنبنا .. أريد من السلطات أن تشتري "مبيد الإنسان" وتنتهي من مشكلنا نهائيا؟".
كان المتضرران يتحدثان بلكنة شمالية ابتسمنا لها جميعا.. ابتسامة مذبوحة طبعا. هؤلاء السكان اتفقوا على قرار واحد مفاده التشبث بالأرض والحفاظ على العرض مهما كلفهم هذا القرار من تضحيات، وفي جميع الأحول سيظلون يشعرون بمرارة من ظلم مالكي وسائل الإنتاج والإكراه، الظلم هذه المرة لن تشعر به طبقة سياسية معينة ولا شخصيات لها اعتبار رمزي في البلد، بل الظلم نزل بوحشيته على القاع الاجتماعي مباشرة، وهذا ما اتضح من خلال عبارات ذلك الشاب الذي قال بأنه كان يستغرب أن يناضل أو يحتج المواطن الذي شبع خبزا برأيه البسيط، سيشعر هذا المتضرر ومعه الشباب أن المواطن في حاجة إلى وطن يحميه من ظلم ذوي القربى من إخوانه المواطنين من علية القوم، لن يحتاج هذا المتضرر من حي الأندلس أن يطالع الجرائد والمواقع الالكترونية ويتصفح المواقع الاجتماعية حتى يتعرف على طبيعة الثقافة المخزنية القاتلة لروح الإنسان وكيفية تمثله للقيم الإنسانية النبيلة التي تخلق أنواعا من التفاعل القائم على الأخذ والعطاء. بل كان الواقع المر أستاذه وطليعته التقدمية التي علمته ثقافة الشك والنقد فيما يجري حوله حينما أحس باستهدافه مباشرة في كرامته كإنسان أولا وأخيرا.
إن معاناة هؤلاء السكان ستصبح خميرة لأنواع من الكراهية والحقد على وطن يشعرون أن لا محل لهم فيه، وحينذاك سيخسر الجميع بعدما تنتفي الوسائط الاجتماعية التي تتكفل بتضميد جراحات الدهر، وآنذاك سيردد الجميع ما  قاله الشاعر العربي القديم :
                                عضنا الدهر بنابه .... يا ليت ما حل بنا به
حينها سيقول الظالمون: يا ليتنا كنا فيها قوامين بالعدل، ومتواصين بالحق! وحينذاك لن ينفع الظالمين ندامتهم على ما اقترفوه بحق الإنسان الذي عظمته الشرائع السماوية وشرفته المواثيق الكونية.
إن الثقافة المخزنية هي المسؤول الوحيد عن إقصاء الناس الشرفاء وتقريب الدجاجلة والأفاكين الذين يكرههم المواطن المغربي بشكل عام، لا فرق بين غنيه وفقيره، هؤلاء الأفاكون، وكما تشهد التجربة التونسية والمصرية هم سبب البلاء واصله، وحين نقول بأن الثقافة المخزنية هي المسؤول الوحيد عن هذه المأساة، فإننا نعني الثقافة التي يستمد منها النظام السياسي والاجتماعي جبروته وتسلطه، ولا نعني بها شخصا معينا ولا مؤسسة خاصة، والدليل في هذا أنه حين صرح ملك البلاد محمد السادس لصحيفة إسبانية بأن أحداث 16 ماي الأليمة عرفت تجاوزات، فلا أحد وإلى حدود الآن حاول فتح هذا الملف بالرغم من كثرة النداءات من قبل الحقوقيين والسياسيين داخل المغرب وخارجه، ومن يتابع الفيديوهات على شبكة النت ير حجم المعاناة التي يتجرعها مواطنون مظلومون لا حول لهم ولا قوة، لقد شاهد العالم قصة بوشتى الشارف وهو إنسان بسيط جدا ويتكلم بعفوية كيف يقص قصصه المؤلمة مع الثقافة المخزنية المتعفنة، لا أحد من المواطنين الحقيقيين يشك بأن ملف بليرج مطبوخ، وأن المعتقلين السياسيين مظلومون، ولكن الثقافة المخزنية المتعفنة عفنت المجتمع وجعلت الناس يكرهون المخزن حتى الأطفال منهم، فحين دخلت قوات الأمن لتفتيش بيت الأستاذ محمد الأمين الركالة عام 2007 وجدوا في بيت ابنه الطفل عمرالأمين الركالة قميص فريق المغرب الفاسي لكرة القدم وشعار فريق البارصا، الآن عمر الركالة يكره المخزن وأصبح مناضلا يكتب ضد المخزن، وبدأ القراء يتابعون مقالاته على صفحات "هسبريس".
وحين حاولت أن آخذ من الطفلة أميمة المرواني تصريحا في مسيرة 20 مارس، لم تستطع الحديث لأنها فضلا عن شعورها بالظلم فقد كانت أميمة منهكة بكثرة رفع الشعارات والمشي على الأقدام في يوم حار، أميمة لا يتعدى عمرها 14 سنة، سألتها فأجابتني بلغتها الواضحة سياسيا دون ما كياج مخزني، "نحن لا نثق في المخزن، المخزن لا ثقة فيه، الحق ينتزع ولا يمنح" ما هذا الكلام الذي نسمعه من هذه الطفلة، تقول لا ثقة في المخزن، هذه مقولة للبروفيسور المهدي المنجرة شافاه الله، هل تطالع أميمة كتب المنجرة؟ الواقع هو من علم أميمة الحقائق كما هي.
استدرت فوجدت امرأة تبكي بحرقة على زميلها في العمل الأستاذ محمد المرواني فك الله سراحه. وتصيح بأعلى صوتها : والله العظيم حت مظلوم هذا الرجل".  وفي نفس المسيرة وجدت امرأة مسنة، لقيتها في المسيرة ويا ليتني ما كنت ألقاها تمشي وقد أثقل الظلم ممشاها، إنه أم زميلنا عبد الحفيظ السريتي، بالكاد تمشي، امرأة مسنة، ما ذنبها يا ترى؟ ما ذنب الطفلة اميمة المرواني؟ ما ذنب الطفل عمر الركالة؟ ما ذنب المعتقلين السياسيين؟ ما ذنب سكان حي الأندلس؟ ما ذنب هذا الشعب؟
إنه الغباء المخزني يا صاحبي...!!
 ولكن للأسف على حساب حرية المظلومين وكرامتهم وشرفهم سمعتهم الطيبة، وحبهم لهذا الوطن !!
تصبحون على وطن....

دموع "غزلان" وآهات "الشارف".. براءة مجتمع وبشاعة دولة



بقلم: عبد الرحمان أحمد خيزران



"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا"
جزء من حديث قدسي
كانت وستبقى الفطرة التي خلق الله الناس عليها المحرك الأول للإنسان، وكان وسيظل القلب موجها للفرد ومحددا لاختياراته، ومحضنا عظيما للمشاعر والأحاسيس، ومنارا هاديا للعقل واختياراته والجسد وعنفوانه. وما الإنسان دون الفطرة والمشاعر والقلب؟
وفي الوقت الذي يفترض في الإنسان أن يحافظ على نعمةِ الفطرة السوية التي بها يَستحْسِن الحسن ويَستقْبِح القبيح، والمشاعرِ التي بها يحب ويرحم ويوالي، والقلبِ الذي عليه مدار الأمر وجماع الدين والدنيا، تُنتج دواليب الدول المستبدة والأنظمة الظالمة "آلات" منسوبة إلى البشر و"ماكينات" محسوبة على بني آدم، معدومة الإحساس فاقدة المعنى، تستحل كل شيء حتى القتل والتعذيب والاغتصاب والإذلال، فلا صوت العقل ولا نداء الإنسان يمكن أن بجد له صدى في داخل هذه "الكيانات البشرية".
لم تكن آهات "بوشتة الشارف" إلا واحدة من آلاف صرخات هذا الشعب المكلوم، ولم تكشف معاناته إلا عن شجرة التعذيب التي لا يجب أن تغطي غابة الاستبداد والطغيان الضاربة في أرض الدولة المغربية أساسِها ورأسِها. ولم تكن دموع "غزلان"، التي بكت بها معاناة هذا الرجل المقهور وحال هذا الوطن الأسير، إلا تعبيرا فطريا عن تلك المشاعر الجياشة والأحاسيس الصادقة التي غمرت كل مغربي حر ومغربية شريفة حين شاهد فيديو الشارف.
حقا، وكما قالت الأخت الفاضلة غزلان، لا يمكن حتى تصور هذا التعذيب الذي تعرض له الشارف وإخوانه، وغيرهم كثير من معتقلي الرأي. هل يعقل أن يقوم بهذا الفعل إنسان من لحم ودم وقلب وعقل؟ ألهذا الشخص القدرة على الأكل والشرب والنوم بعد فعل كهذا تمجه كل الفطر وتدينه كل الشرائع؟ أله زوجة وأبناء ووالدان وعائلة، وله القدرة على أن ينظر في عيونهم ويستشعر معنى الحب لهم والخوف عليم والأمان معهم؟ إن العقل والقلب والخيال ليعجز عن التفكير في الأمر وتصور حياة هذا الجلاد وتلك الماكينة.
إن آهات "الشارف" ودموع "غزلان" تكشف الوجه البشع للدولة، وتفضح كل شعارات الزور والبهتان سياسية كانت أو اجتماعية أو ثقافية، وتثبت أن المغاربة محكومون من قبل عصابة تتحكم في مسار البلد ومافيا فوق القانون، وليس من دولة تحترم نفسها ونظام حكم يقود شعبا. وإن دموع "غزلان" وآهات "الشارف" لَتنبع من براءة شعب حر كريم، لم تمح كلُّ خطط تدمير الإنسان واستراتيجيات تخريبِ القيم خَيْرِيَّتَه ومعناه وانحيازه للحق والعدل والكرامة، ولم تتحول كل مظاهر الاختلال والانحراف التي يعيشها، والتي لا تعدو أن تكون في المقام الأول إلا نتاج سياسة رسمية للدولة، إلى منهجِ حياة يحدد المسار وقيمٍ عليا تحسم الخيار.
لو أننا كنا في دولة تحترم نفسها، فعلا لا قولا كما يتردد عندنا، لفُتح تحقيق على الفور في ملف "الشارف" وكل معتقلي ما يسمى "السلفية الجهادية" وكل معتقلي السياسة والرأي، ولكن ما دمنا في المغرب فلا بأس، لن يستقيل الوزير الأول، ولن يتابَع وزيرا العدل والداخلية، ولن يُطرح نقاش جاد عن هته الأجهزة التي تعيث إرهابا في المغاربة وتدمِّر أسرا بأكملها، ولن يساءَل رئيس جهاز المخابرات... ولن ولن، فللمغرب التزامات دولية في محاربة الإرهاب، و"من ليس مع النظام فهو مع الإرهاب"، وفي أحسن الأحوال الحقوقية قد يصدر رأس الدولة عفوا، بعد تخريب حياة أفراد وجماعات، وبعد كل معاناة التعذيب، ودون إعمال المساطر القانونية والقضائية العادلة والنزيهة، ودون أن يلزم أحد الدولة على فتح تحقيق عن هذا الذي جرى ويجري لمَ؟!!
قال الإمام علي كرم الله وجهه:
وما من يدٍ إلا ويد الله فوقها
وما من ظالمٍ إلا وسيُبلى بأظلمِ
لا تظلمّن إذا ما كنت مقتدرا
فالظلم مرتعه يفضي إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنم
واحذر أخيّا من المظلوم دعوته
وإن تصبك سهام الليل في الظلم.
كفكف الدمع أيها الوطن واعقد العزم على أن تبني لنفسك كرامة، فالدموع التي تسكبها المغربيات الشريفات والمغاربة الأحرار، والآهات والمعاناة التي يكتوي بلظاها هذا الشعب المقهور المغلوب، ستظل لعنة تطارد الظالمين والمستبدين، تقض مضجعهم في الدنيا وتحاسبهم بين يدي من لا تضيع عنده مظلمة يوم الدين. والموقف الرجولي الذي رسمه "الشارف" حين تحدث عن معاناته، التي تختزل معاناة شعب، والمشاعر الراقية لـ"غزلان"، التي عكست معدنا نفيسا لبنات هذا البلد الحبيب، سيظل منارا هاديا وبوصلة موجهة للمغاربة حتى يؤخذوا زمام المبادرة ويبحثوا عن انعتاقهم وينتزعوا حريتهم ويُرَحِّلوا ظالمهم ويصنعوا مستقبلهم، وما ذلك على الله بعزيز.
ولأن للمظلوم ركنا عزيزا يلوذ إليه، وإلها نصّارا ومعينا يجأر إليه، وربّا يمهل ولا يهمل، ودعوة مجابة لا تُرد، نرفع أيدينا إلى ناصر المستضعفين وقاهر المستبدين بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم (نرفعه بصيغة الجمع)، والذي ردده الحبيب في هجرة الطائف: "اللهم إليك نشكو ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا، وهواننا على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربنا، إلى من تكلنا، إلى بعيد يتجهمنا، أم إلى عدو ملكته أمرنا، إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لنا، نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علينا غضبك، أو أن ينزل بنا سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك."
www.aljamaa.net

الأحد، 10 أبريل 2011

ذ. أرسلان: هذه كبرى القيم التي تؤطرنا في اختيار نظام الحكم


أجرت مجلة "الأيام" المغربية في عددها 469 حوارا معمقا مع الأستاذ فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان، حول العديد من القضايا الراهنة: حركة 20 فبراير، انخراط الجماعة في الاحتجاجات الشعبية، التنسيق مع الفرقاء السياسيين، الموقف من خطاب الملك يوم 9 مارس، حجم التناقض بين الجماعة والنظام الحاكم، البديل السياسي الذي تقدمه العدل والإحسان، شروط تأسيس حزب سياسي....

لمطالعة تفاصيل هذه القضايا وغيرها، نعيد نشر الحوار:
رسالة الأستاذ عبد السلام ياسين إلى الملك محمد السادس في 1999 والتي حملت طبيعة رسالة مفتوحة : "إلى من يهمه الأمر" تلتقي كثيرا ومطالب شباب حركة 20 فبراير، هل هذا هو الذي جعلكم "تتبنون"، إن صحت العبارة، مطالب الحركة؟

الرسالة المفتوحة "مذكرة إلى من يهمه الأمر" التي بعث بها الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين إلى الملك محمد السادس عند بداية حكمه، على مرأى ومسمع من الشعب والإعلام والمراقبين، حكمتها نية رجل وجماعة يريدان الخير والصلاح لهذا البلد، فلم تحمّل آثام وسواد الماضي للملك حديث العهد بالحكم حينها، واقترحت عليه مداخل صحيحة لحكم راشد.

ولكن للأسف صم الحاكم آذانه عن النصيحة، ووقع المحذور الذي حذرت منه المذكرة، إذ سرعان ما تلاشت شعارات "ملك الفقراء" و"العهد الجديد" و"المجتمع الديمقراطي"، ووقعت الردة السياسية والحقوقية والاجتماعية، لنجد أنفسنا أمام العهد القديم الذي حكم المغرب بالحديد والنار لم يغير سوى ثوبه وقبعته وأسماء هنا وهناك وقوانين شكلية في هاته الناحية أو تلك، وبقي الاستبداد هو نفسه عقلية وتركيبة ونظاما ونواة صلبة تتحكم في البلد.

ولأننا كنا وما زلنا ندعو إلى ما ندعو إليه، من إنهاء لهذا الحكم المتسلط وإقامة دولة المجتمع وفق مقاربة تشاركية بين الجميع، كان طبيعي جدا أن نكون أول المنخرطين في "حركة 20 فبراير"، وأن تلتقي مطالبنا نحن وكثير من الشرفاء في هذا البلد ضمن هذه الحركة، وأن ينخرط شبابنا بقوة مع غيرهم من شباب المغرب تنسيقا وتخطيطا وفعلا ميدانيا مؤثرا في حراك الشارع المغربي اليوم.
دعّمتم بقوة مطالب حركة 20 فبراير، حتى إن الإنزال الأخير في مسيرة 20 مارس جعل البعض يشتم بقوة أدق تفاصيل "إنزال" الجماعة، المعترف بقوته، في المسيرات التي عرفتها المملكة، تأطيريا وتنظيميا، هل جاء ذلك ردا على استعمال السلطات للقوة في حقكم بصفة خاصة في وقفة 13 مارس، أم ماذا وقع ويقع بالضبط؟

أولا: رغم أننا غالبا ما نحظى بحصة الأسد من قمع السلطة وعنفها، وهي ضريبة من الضرائب التي سنضل نقدمها حتى يحظى هذا الشعب الكريم بعيشه الكريم، فإن التدخل في حق الاحتجاجات، التي يعيش على إيقاعها المغرب، يشمل كثيرا من القوى السياسية والحيثيات الاجتماعية والمهنية، وما تعنيف "أمن البيضاء" على الصحفيين والإعلاميين يوم 13 مارس الدامي، أو "سلخ" نساء ورجال مدينة خريبكة وإرسال كثير منهم محملين بالكسور والرضوض والجروح والإغماءات إلى المستشفيات، أو التدخل الشرس في حق دكاترة ومجازي التعليم الأسبوع الماضي في الرباط، أو قمع المجازين المعطلين في العاصمة الإدارية وغيرها من المدن، إلا علامات على عموم البلوى التي يصاب بها أبناء وقوى وأطر الشعب المغربي من هذا المخزن المستبد.

بناء على هذا التوضيح، لسنا ننزل بكثافة بعد تدخل قمعي في حقنا لنثبت أننا صامدون لا ترهبنا العصا الغليظة، بل حضورنا في الساحة مرتبط بالتنسيق مع باقي الأطراف.

ثانيا: من خلال التنسيقيات المحلية التي نحضرها والمجالس الداعمة التي ننتمي إليها، نحرص، كغيرنا، على الانضباط لما يتقرّر على مستوى طبيعة وحجم الحركة الميدانية عند كل محطة نضالية. وأظن أنه طبيعي في إدارة معارك التغيير أن تحرص الإطارات التي تقود التحركات على تباين أحجام الفعل الميداني بين محطة وأخرى، حسب الحاجة والتراكم والنفَس ومستلزمات التخطيط والتنفيذ.

ثالثا: أعتقد أنه من الطبيعي جدا أن تنحو حركة الشارع، يوما بعد يوم، نحو مزيد من العنفوان والحشد والمشاركة الأكبر. ولعلكم لاحظتم أن حجم الاحتجاجات في 20 مارس فاق نظيره في 20 فبراير.

رابعا: نحن اليوم من خلال هذه التنسيقيات ننظر إلى أهداف كبرى يجمعها عنوان "الشعب يريد إسقاط الاستبداد"، فكل تنظيم ومكون وجمعية وحركة وحزب استطاع أن يحشد تحت هذا العنوان، وليس تحت شعاره وعنوانه الخاص، أكبر الأعداد وأضخمها فهذا محسوب له لا عليه، ويلزم أن يُحيى على قدرته التعبوية والتنظيمية والتأطيرية وليس العكس.
الكل يعرف قصة العداء التاريخي بين اليسار الجذري والعدل والإحسان، نظرا للتنافر الإيديولوجي والعقدي بينكما، لكننا لمسنا مؤخرا نوعا من الغزل والتقارب بينكما، وأقصد في ساحات وقفات 20 فبراير، هل لأن المطالب الراهنة وحدتكما أخيرا أم أن الوقوف ضد النظام يقتضي هذا التحالف؟

لعله من علامات الرشد السياسي أن يستبعد العقلاء والشرفاء، خاصة عند المحطات الحساسة في مسيرة الشعوب والأمم، كل الخلافات والتباينات، وذلك لصالح الأهداف الكبرى والمصيرية.

وهذا ما كنا ندعو له قبل 20 فبراير، حتى عُرِف عنا لدى الجميع أننا دعاة ميثاق جماعي لمصلحة الوطن، لا إقصاء فيه ولا إلغاء، الحَكَم فيه هو الحوار والتفاهم، على أعين الشعب ورجوعا إليه ما دام الجميع يؤمن بمبدأ السيادة الشعبية.

وفق هذا، أن تقرّب هذه الحركة اليوم بيننا وإخواننا في مختلف الأطياف والفرقاء من يسار وأمازيغ وسياسيين ونقابيين وحقوقيين ولا منتمين، فتلك واحدة من ميزات المغرب الجديد الذي نريد بناءه: اختلافنا ثراء لوطن موحد.
يعتبركم البعض بمثابة الحليف المخيف لحركة 20 فبراير، بماذا تردون؟ وما حقيقة محاولة الجماعة الركوب على الحركة واستغلال الأحداث التي يعرفها العالم العربي للضغط في الساحة، خصوصا بعد تراجع شعبية الجماعة على إثر أفول "قومة 2006"؟

هذه إحدى المعزوفات الرديئة اللحن والسيئة الإخراج، والتي ملّ الناس سماعها من أسطوانات المخزن المشروخة، ولعلكم تتبعتم تصريحات الشباب من كل الألوان السياسية واللامنتمين الكثيرة في الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع، والتي ترفض هذا الكلام وتمجه وتستصغر أصحابه، وهو الشيء نفسه الذي عبر عنه عقلاء السياسة ممن ننسق وإياهم ضمن هذه الحركة.

أما الحديث عن تراجع شعبية العدل والإحسان، فهو يدع المتتبع في حيرة، هل يصدقُ أصحاب حديث التراجع والأفول أم أصحاب حديث الهيمنة والركوب واستعراض القوة!؟

ولعلها مناسبة لتقديم نصيحة سياسية للمخزن ومن يدور في فلكه: ما دامت شعبية الجماعة في تراجع بعد 2006 وقبلها وبعدها، فليدع الجماعة لتراجعها ويتركها تموت تدريجيا. فالعقل يقول أن من يلفظ أنفاسه الأخيرة لا نخصص له الميزانيات والأجهزة والخطط والسجون والاعتقالات والحصار وكيد الليل والنهار!!
خرجت الأستاذة نادية ياسين مباشرة بعد الخطاب الملكي لــ 9 مارس في تصريحات لقناة "فرانس 24"، تقول: "لا جديد في سماء المغرب"، هل معنى ذلك أن الخطاب الملكي الذي اعتبر "مزلزلا وتاريخيا" لم يستجب لمطالب الجماعة؟

واضح أن الخطاب الملكي لم يستجب لمطالب الشعب المغربي، ومهما أغدق "المدّاحون" من أوصاف مكذوبة وأسماء موهومة وعناوين مزيفة فالواقع أقوى من أن يرتفع وتحجب حقيقته مجرد كلمات، وفعلا "لا جديد في سماء المغرب". ولعل أفصح بيان وجواب هو ما صدر عن الشعب المغربي بعد 9 مارس، وخاصة في مسيرات واحتجاجات 20 مارس والتي عمت 64 مدينة وجماعة قروية في يوم تاريخي مشهود، حيث رفض الشعب الدساتير الممنوحة مؤكدا أن عهد المنح ولى إلى غير رجعة، ودعا مجددا إلى جمعية تأسيسية منتخبة تضع دستورا جديدا ديمقراطيا يحقق للمغاربة آمالهم نحو الحرية والكرامة والعدل.
لنكن صرحاء، كل التعديلات التي جاء بها الخطاب والتي سبق أن طالبتم بها في السابق لم ترضكم، فما مطالبكم؟ وكيف تتصورون الأمور؟

قطعا لم يستجب الخطاب للمطالب الأساسية والجوهرية، وهي: نظام حكم ديمقراطي عنوانه الأبرز "حاكم ينتخبه الشعب ويحاسبه"، ينبني على دستور يجسد إرادة الأمة لا إرادة الحاكم، دستور ينبثق عن جمعية تأسيسية منتخبة بعد حوار ونقاش جماعي مفتوح يحدد الملامح الكبرى والإطار العام للدولة والمجتمع، بعد ذلك ندخل لترتيب السياسة التفصيلية من انتخابات وحكومة وبرلمان وقضاء وإعلام ومجالس مركزية وفق قاعدة فصل السلط ومراقبتها، ومن تم نضع الخطط الاستراتيجية والتفصيلية لبناء حضارة تليق بالمغرب والمغاربة عناوينها التنمية المستدامة والحكامة الجيدة والمسؤولية والمواطنة وخدمة الصالح العام، ثم ننظر كيف يصب كل ذلك لصالح الإنسان المغربي لنوفر له العيش الكريم من تعليم وشغل وتطبيب....فهل استجاب الخطاب الملكي لهذه المطالب؟ وكلنا يعلم أنه أبقى على الهيمنة المطلقة للمؤسسة الملكية، وهذا لب المشكلة وجوهرها، ولم يجب عن سؤال جمعها بين الممارسة السياسية والنشاط الاقتصادي، كما أنه أغفل المطالب الاجتماعية والاقتصادية الملحة للشعب المغربي.
حتى بعد وفاة الرسول "ص" لم يترك نموذج حكم، بل ترك "أمرهم شورى بينهم"، فما نموذج الحكم الذي يرضي الجماعة؟ الخلافة على منهاج النبوة مثلا ... كيف؟

نعم صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك شكلا محددا لنظام الحكم، وذلك من حكمة التشريع لتلائم الأشكال تطور العصور والأزمنة، ولكنه ترك لنا قيما ومعالم سياسية لا يجادل فيها من قرأ سيرته الشريفة وتدبيره الحكيم لمقاليد الحكم.ومن تلكم القيم والمعالم أنه صلى الله عليه وسلم أرسى قاعدة صلبة هي حق الأمة في اختيار الحاكم، وهو ما يصطلح عليه اليوم بـ"السيادة الشعبية"، وهي ليست قاعدة منقوصة تمتد إلى الوالي والوزير فقط، بل تشمل رأس الدولة والسلطة السياسية، فلا يمكن للأمة أن يسوسها حاكم بغير رضاها. كانت الأمة سيدة نفسها وقرارها تختار من شاءت من الأمناء الأقوياء.وإلى جانب هذه القاعدة الذهبية، قواعد أخرى وقيم كبرى، منها، الحكم بالعدل، والاستقرار على الشورى، والاحتكام للشرع الإسلامي الحنيف، وخدمة السلطان للأمة وليس العكس.هذه كبرى القيم التي تؤطرنا في اختيار نظام الحكم، وإذا كان الشارع الحنيف قد ترك الشكل للإنسان ليختاره حسب العصر والزمان، فإن الشكل الذي يستبطن قيما أخرى تضرب هذه القيم الواضحة من الطبيعي ألا نقبل به ونتحفظ إزاءها.لذلك أيها الأخ الكريم، الخلافة قيم عليا وإطار مرجعي وليست نظاما محددا، ونحن حينما نطرح مسألة الخلافة نعني بها وحدة الأمة كل الأمة بجميع أقطارها سياسيا واقتصاديا وقيميا بعيدا عن التجزئة الاستعمارية التي حولتنا إلى دويلات قفصية، أما الشكل فهناك نماذج تتبناها كثير من دول العالم كالفدرالية مثلا يمكن أن تكون شكلا من الأشكال المناسبة.
يقول الأستاذ عبد السلام ياسين: "ميزة الحكم الإسلامي الشرعي أن الطاعة واجبة لأولي الأمر منا بناء على بيعة تلزم الحاكم والمحكوم بأمر الله ورسوله، شرطاها الشورى في الاختيار والحكم بما أنزل الله"، ألا ترون أن هذا الشرط متوفر؟ ولماذا لا تعترفون حتى الآن بالشرعية الملكية وبإمارة أمير المؤمنين؟

أي الشرطين تقصد؟ الشورى في الاختيار أم الحكم بما أنزل الله؟هل حقا الشعب المغربي له الحق في اختيار طبيعة نظام الحكم وشخص الحاكم؟ إن القضايا السياسية الكبرى لا شورى فيها مع أحد بل استفراد مطلق. هل المغاربة وقواهم الحية استشيروا في تدبير قضية الصحراء مثلا؟ هل الحكومة تعلم خلفيات وتفاصيل ملف بليرج والحكم الظالم على خمسة سياسيين يشهد الجميع بانتهاجهم العمل السياسي المدني؟ هل البرلمان يناقش الميزانية المخصصة للبلاط الملكي ضمن قانون المالية السنوي؟ هل يعلم القضاء حقا خلفيات ملف 16 ماي، واستشيرت فعليا مؤسساته العليا في كيفية تحقيق المحاكمة العادلة؟ هل وهل وهل.أين هي الشورى في الاختيار والتدبير لنتحدث بعدها عن البيعة بما هي التزام بين الحاكم والمحكوم؟أما الحكم بما أنزل الله، فيكفي أن تقوم بجولة طفيفة في المحاكم والسجون لترى حجم الانتهاك للعدالة، وفي مجالات الإنتاج والتسويق والصناعة لتملس حجم الثروات المنهوبة والمستفرد بها والتفاوت المعيشي العميق والخطير، وفي الإدارة لتعاين أن اللغة السائدة هي المحسوبية والزبونية والرشوة، وفي قنواتنا الرسمية وبرامجنا التعليمية وفي الخمارات والمراقص ودور القمار وتشجيع الدعارة وإفساد أخلاق الشباب وإغلاق المساجد ومحاصرة الدعاة.... واحكم بنفسك.بخصوص شرعية الحكم فقد حددنا سلفا مرتكزاتها، كما نراها ونقترحها، وهي التي تنهل من معين الإسلام ولا تتعارض مع الديمقراطية. أما "إمارة المؤمنين" فإننا نرى أنها معان ومضامين وقيم ومسؤوليات أكثر منها ألفاظا وأسماءً تلوكها الألسن لإضفاء شرعيات موهومة.
في نظرك ما طبيعة الخلاف بين العدل والإحسان والنظام الحاكم؟ وما مستقبل العلاقة بين الجماعة والنظام؟

ما سبق وقدمناه يظهر طبيعة الخلاف والتناقض، وهو اختلاف بين من يريد إقامة دولة مدنية تراعي الأشكال العصرية وتستفيد منها دون حرج، وتستنبط من قيم الإسلام باعتباره المرجعية العليا للأمة، وبين من يريد دولة مستبدة تيوقراطية يحكمها نظام متسلط لا يأخذ من الدين إلا اسمه ليوهم الشعب بالشرعية ولا يستمد من الديمقراطية إلا ما يذر به الرماد في العيون. اختلاف بين من يريد شعبا حرا كريما يحيى حياة تحترم آدميته وإنسانيته وبين من يريده بدون إرادة ولا حياة محترمة بل يُساق حيث يشاء الحاكم دون أن ينبس ببنت شفة.أما عن المستقبل فنحن ماضون في طريقنا وعملنا، لن نبدل ولن نغير، متوكلين على الحق سبحانه وتعالى، ومعتمدين على هذا الشعب الحر الأبي الذي رفع شعار التغيير وانخرط في البناء الجاد لمستقبله ومستقبل أبنائه.
هل يمكن أن تتحول الجماعة إلى حزب وتقبل بشروط اللعبة، خصوصا وأنكم ناقشتم الأمر في اللقاء السابق الذي جمعكم مع السفير الأمريكي السابق توماس رايلي؟

من الممكن أن ينخرط جزء من الجماعة (الدائرة السياسية مثلا) في مرحلة ما في العمل السياسي الرسمي ومن داخل مؤسسات الدولة، ولكن ذلك كما نقول دائما رهين بالشروط السياسية السليمة من أجل الممارسة السياسية الرشيدة، ومن أهم تلك الشروط ما أشرنا له سلفا في هذا الحوار من قواعد سياسية كبرى، شرعية وديمقراطية، تضع إطارا سياسيا جديدا، تحترم فيه إرادة الناخبين، ويقترن فيه العمل السياسي بالمسؤولية، ويعطى معنى جديدا للعمل السياسي بما هو خدمة للصالح العام. أما دون ذلك فلن نقبل بشروط مجحفة تضيفنا إلى الأرقام الموجودة لتأثيث الديكور المخزني ومَدِّه بنفَس جديد من الشرعية والحيوية.

تاريخ النشر: الجمعة 8 أبريل/نيسان 2011

www.aljamaa.n

جناية التطرف


دفعني إلى كتابة هذا المقال تلك المشاهد الفظيعة التي أعقبت تفجير أحد الأضرحة الصوفية بباكستان : دماء وأشلاء وصرخات و أنات، هكذا جاء الدور على أضرحة الصوفية بعد مزارات الشيعة والبقية تأتي مادامت شهية أصحاب هذه البلية مفتوحة للقتل.... وما ضاعف حزني وألمي إعلان حركة طالبان مسؤوليتها عن هذا التفجير ! كأنها تريد أن تبشر المسلمين بسبق فريد وفتح عظيم، ولا تفسير لهذه الوقاحة إلا بالثقة الزائدة في النفس، ثقة نابعة من خلفية فكرية ونفسية تؤمن بأنها صاحبة الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، و لا ترى فيمن يخالفها إلا مسلم ضال يجب رده إلى طريق السنة والجماعة، أما الشيعة والصوفية ومن هم على شاكلتهم، فهم كفار لا حرج في قتالهم والجهاد فيهم !
أي نكبة حلت بالعقل المسلم بل بالقلب المسلم فقسا فهو كالحجارة قسوة بل أشد؟ أين رحمة الإسلام ورفق الإسلام ووصايا رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام الذي ينفذون باسمه كل هذه الغزوات والسرايا في حق المسلمين ! ولقد أثل علي كرم الله وجهه تراثا جديرا بالاهتمام في معالجته لقضية الخوارج، وعلى دربه سار من جاء بعده من السلف كالفقهاء الأربعة وغيرهم ....ويبدو أن هؤلاء قد نسوا كل ذلك في غمرة الإعجاب بمحمد بن عبد الوهاب - رحمه الله – وفكره"التجديدي" وجهاده ضد"الفرق الضالة" تحت رعاية سلطة آل سعود التي عملت على نشر فكره في كل مكان بعدما قامت بنزع أنيابه الحادة -حتى ما عاد يملك غير الجدال وتوزيع صكوك الولاء والبراء على المسلمين والدفاع عن الحكام ولو كانوا طغاة وجبابرة- التي ستنبت مرة أخرى على إثر حرب الخليج ، ردا على السماح للأمريكان باستعمال أرض الحرمين في حربها على العراق حيث ولدت السلفية الجهادية التي أعلنت الجهاد ضد الحكام الخونة ... وهي الطريق نفسها التي سلكتها حركة طالبان التي نهلت من نفس الفكر، حيث كانت السعودية ترسل مشايخ الوهابية إلى باكستان لصنعها على عينيها، كما ترسل أموال النفط لتوسيع هذا المشروع على أوسع نطاق ممكن .  
هكذا تملك هذه الفئة من المسلمين الوقت الكافي للتخطيط والتنفيذ لقتل بعض المسلمين، فيما الأعداء يستبيحون أرضنا وينهبون خيراتنا ويسخرن منا ومن مقدساتنا، فيما التخلف الاقتصادي والسياسي والأخلاقي يطوقنا من كل جانب.
العشرات قضوا في التفجير، عدا الجرحى والمعطوبين ،ما ذنب اليتامى والثكالى ؟...ما عساكم تقولون لله عزوجل يوم تلقونه و لرسوله صلىالله عليه وسلم وهوالقائل:( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم)
          

الجمعة، 1 أبريل 2011

الطقوس المخزنية ليست طقوسا؟....

أثير لغط  كثير هذه الأيام حول الطقوس  المخزنية ، التي ترافق الاستقبالات الملكية ، من تقبيل لليد ولثمها  أكثر من اللازم  ، وانحناء وركوع.... وأشياء أخرى يرى الكثير ون أنها تحط من الكرامة الإنسانية وتنزل بها إلى درجة العبودية... وهو طرح يؤيده كل صاحب نفس أبية تأبى الخضوع والخنوع ، فيما يرى آخرون أن الأمرلا يستدعي كل هذا الضجيج ، ما دام أنه شكلي فقط ،وإنما ينبغي التركيز على الإصلاحات العميقة التي يمكن أن تساعد على النهوض بالبلد.
لكن في الحقيقة وللحقيقة فالناظر في هذه المراسيم ، وكيف تجري من حيث الترتيبات التي تسبقها والمصاحبة لها، يجد أن المسألة أكبر من أن تكون شكلية ورمزية ، بل تحمل أبعادا نفسية وفلسفية وتاريخية تتوخى ترسيخ عقلية الطاعة العمياء للحاكم باعتباره مصدر فضل على البلاد والعباد، بسيادته تنتفي كل أسباب الشقاء والفتن وتحل محلها كل  مظاهر الرخاء والأمن ولقد أظهرت الدراسات الا نتربولوجية مكانة وتأثير الطقوس في حياة الناس النفسية والاجتماعية قديما... طرح يجد تفسيره في نصوص  شرعية، يتولى فقهاء البلاط مهمة لي أعناقها لتوافق هوى الحاكم وتساير رغبته في بسط سلطته وإسكات كل صوت معارض ، هذا فضلا عن شطحات السياسيين الانتهازيين الذين لا يهمهم أكثر من الحفاظ على  مواقعهم في السلطة امنة....

إنه لشئ محير فعلا أن ترى كثيرا من الحداثيين والتقدميين يرفعون عقيرتهم مستخفين بالمستنكرين بهذه الطقوس ، نقول مستخفين حتى لا نقول مدافعين... نعم إنه أمر محير . هل يفعلون ذلك عن قناعة ؟ وإن كان الأمر كذلك فهو تناقض وخليط عجيب بين تقدمية متنورة كما يزعمونها لأنفسهم، ورسوم رجعية بالية أفنوا أعمارهم في التشهير بها ... أم أن المسألة وما فيها: مصلحة ذاتية تبرر كل شئ وتعلو ولا يعلى عليها... فيما يقول البعض منهم : إن ذلك لا يليق بملكية حديثة ؟ بمعنى أن هذه الطقوس لا بأس بها لولا أنها تسئ إلى صورة الملكية، أما الشعب وكرامته وحقوقه فقط سقط من بالهم تماما  ؟..

من منا لا يشعر بالخجل حين يرى ذلك الحفل الوثني المنظم كل سنة ، والذي تقام فيه شعيرة البيعة  المخزنية، التي تلزم كبارشخصيات البلد بالركوع خمس مرات أمام الملك قبل أن يدفعهم الخدم المطربشون، ويسارعون إلى رص صفوف باقي العباد الخاشعين . إنها صناعة مغربية خالصة . صناعة  الذل والهوان. إنها تربية على سلوك الانحناء...
لا عجب إذن أن تجد أن الكرامة  هي اخر شئ يمكن لمسؤولينا أن يتحدثوا عنه أويتطلعوا إليه، في هذ الاطار  يقول الأستاذ عبدالسلام ياسين في مذكرة إلى من يهمه الأمر : "كيف نريد بعد هذا  من هؤلاء المروضين كل سنة أن تبقى لهم ذرة من كرامة ؟ لا شك أن هذه الكراكيز المجلببة المعممة تحس بحقارتها حين تتقمص جلد الخدم الجاثم عند قدمي سيده"             

من يحارب «العدل والإحسان»؟

بقلم عمر أحرشان


أسوأ ما في هذا الحراك الذي تعيشه بلادنا، بعد الأخطاء الأمنية والسياسية، هو أداء الإعلام العمومي الذي أثبت تخلفه وعدم مهنيته وانحيازه.
وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه الجميع مواكبة إعلامية لما يعتمل داخل المجتمع من نقاشات مهمة، لاحظنا انشغال قنوات القطب العمومي ببث برامج الفكاهة والسهرات الماجنة والمسلسلات المدبلجة، وحتى بعد اشتداد النقد وخضوعها الاضطراري لاحظنا انتقائية البرامج الحوارية وتوظيفها السيئ في الدعاية، وبطريقة مملة ومفضوحة، ضد خصوم سياسيين.
لقد كشفت هذه القنوات حقيقة خطها التحريري البعيد عن المهنية والموضوعية والقرب من المواطن، وخير مثال هو نشرات الأخبار التي توظف لتصفية حسابات ضيقة وتقتطع فيها الصور وتحرف فيها التصريحات ويفترى فيها الكذب على أطراف معينة بما يخدم مصالح اللوبي المخزني التقليدي المتحكم في الإعلام العمومي، وبالمقابل، توضع هيئات وشخصيات وإعلاميون في القائمة السوداء لحرمان المواطنين من معرفة رأيهم والحكم عليه بعد مقارنته بالرأي الآخر.
لقد بينت تغطية قنواتنا لأنشطة حركة 20 فبراير، وخاصة القناة الثانية، أنها خارجة عن سياق المرحلة ومحكومة بعقليات مخزنية تحن إلى زمن الاحتكار متناسية أنها تدبر قنوات عمومية تمول من جيوب دافعي الضرائب، وأنها لم تعد وحدها مصدر الخبر أمام تزايد وسائط الاتصال التي أصبحت متاحة لكل المغاربة. ولنتصور لو كانت تلك الضريبة الشهرية التي تقتطع من فواتير المواطنين اختيارية هل يقبل مواطن بأدائها؟
إننا اليوم أمام أحزاب عاجزة وتعليم فاشل وإعلام خاص ضعيف الانتشار وإعلام عمومي مهجور ولا تأثير له لأنه يتجاوب مع الأحداث بطريقة فولكلورية ويناقش قضايا عميقة بسطحية ومنهجية عتيقة ووجوه قديمة ممجوجة. والنتيجة أننا أمام فشل كل مؤسسات التأطير التي يمكنها صناعة مواطن مشارك بإيجابية وقادر على اتخاذ الموقف الصحيح تجاه ما يجري حوله.
لقد كان مثيرا للانتباه، منذ التدخل الأمني الوحشي في حق المحتجين يوم 13 مارس، الحملة الإعلامية التي تقودها القناة الثانية على جماعة العدل والإحسان. وللأسف، يتورط في هذه الحملة، عن قصد أو غير قصد، بعض وسائل الإعلام الأخرى والساسة الحريصين على التقرب من دوائر القرار بشن حملة على «العدل والإحسان»، ولو اقتضى الأمر اصطناع وقائع وهمية لا يمكن تخيلها، فأحرى تصديقها. والحاضر الغائب في كل هذه الحملة هو صوت «العدل والإحسان» المغيب من الإعلام العمومي، والمحروم من أبسط حقوقه في إصدار جريدة، والممنوع من حق الرد والتوضيح بعد سيل الاتهامات والتجريح الذي تعرض له في نشرات الأخبار والبرامج الحوارية. وحكماء الإعلام العمومي لا يحركون ساكنا، بل منهم من نصب نفسه طرفا في هذه الحملة متخليا عن واجب التحفظ الذي يفرضه عليه وضعه القانوني.
ذنب «العدل والإحسان» أنها دعمت مبكرا حركة 20 فبراير وثمنت مطالبها، التي لم يعترض أحد على مشروعيتها، وذنب شباب الجماعة أنهم انخرطوا في هذه الدينامية بدون انفراد أو هيمنة أو تميز، وبدون لافتات حزبية أو مطالب خاصة، وبحرص على المشاركة بأعداد رمزية وعلى الطابع السلمي لكل الأشكال النضالية. وقد كان حريا بكل من له غيرة على البلاد تثمين هذا الخيار عوض التشكيك في النوايا والتلويح بفزاعة «العدل والإحسان» لتفكيك هذا العمل المشترك وإضعافه. وكان حريا بهؤلاء المسارعة إلى حل مشاكل الناس عوض اتهام الجماعة بالركوب عليها.
كان الأولى بهؤلاء الاتعاظ من الدروس السابقة لـ«بنعلي» و«مبارك» و«القذافي» الذين لم ينفع تلويحهم بفزاعة الإسلاميين في حفاظهم على عروشهم. وكان الأولى بهم إعادة النظر في أفكارهم حول «العدل والإحسان» التي بينت أنها أحرص على استقرار البلاد وأمنها، والتدقيق في النعوت والصفات التي يتبنونها دون تمحيص.
يحرص البعض على نعت الجماعة بالمحظورة، وهم يعلمون أنها جماعة قانونية حائزة على أحكام قضائية من جل محاكم البلاد بمختلف درجاتها، ويعلمون أنها سلكت كل المسالك القانونية والإدارية، منذ الثمانينيات، للحصول على حقها في التنظيم، وقد كانت الحركة الإسلامية السباقة إلى هذا الأمر في وقت كانت فيه السرية هي الخيار المفضل لدى الباقي. وحرصت، رغم كل أشكال التضييق، على إعلان برامجها وقياداتها واجتماعاتها واتخذت لذلك كل الوسائل للتواصل مع الرأي العام رغم منع كل منابرها الإعلامية بشكل تعسفي.
ويحرص البعض على نعت الجماعة بالمتطرفة، وهم يعلمون أنها ليست تكفيرية وبعيدة عن الفهم المتشدد للدين وعن الوسائل العنيفة. وهي التي تنص في كل وثائقها التعريفية على أنها «جماعة من المسلمين» وليست «جماعة المسلمين»، وترفض تكفير المجتمع أو الحكام أو الأشخاص، وترفض ما يترتب عن ذلك من أفكار الغلو والتشدد، وتنبذ العنف من منطلقات شرعية وسياسية، واستطاعت منذ تأسيسها ترسيخ فهم وسطي ومعتدل للإسلام رغم ما لقيته من مواجهة وحرب من قبل حركات وهابية متطرفة كانت تمولها أجهزة في الدولة لتقليص حضور الجماعة في المجتمع. وتمكنت، كذلك، من إبداع صيغة تصورية وحركية وتنظيمية مغربية للعمل الإسلامي بعيدة عن النموذج الإخواني العالمي وعن النموذج الإيراني الحالم، منذ ثمانينيات القرن السابق، بتصدير الثورة. وهذه أمور لا ينكرها إلا جاحد ولا يستهين بدورها في حفظ التدين والشباب المغربي إلا مكابر.
ويحرص البعض على التشكيك في أهداف الجماعة، مع العلم أنها تؤكد في كل وثائقها أنها تدعو إلى دولة مدنية تعمها تعددية سياسية، ويسودها فصل حقيقي للسلط، ويكون الشعب فيها مصدر السلط، والسيادة فيها للقانون والمؤسسات، وتحترم فيها حقوق الإنسان، ويتداول فيها على السلطة بانتخابات دورية منتظمة. بل إنها تعلن دائما أنها جزء من هذا الشعب ولا نية لها في الاستفراد والاحتكار، بل هي تمد يدها إلى كل من له غيرة على هذا البلد، وتدعو إلى حل كل الخلافات بطريقة سلمية من خلال حوار وطني نحن في أمس الحاجة إليه اليوم قبل غد.
لماذا إذن هذه الحملة الإعلامية والسياسية والأمنية على «العدل والإحسان»؟ ومن المستفيد منها؟ ومن الخاسر؟
تصعب الإجابة عن هذا السؤال، ولكن يسهل التأكيد بأن هذه الحملات لا تضعف الجماعة لأنها ليست الأولى التي شنت عليها وخرجت منها أكثر تماسكا ووحدة وانتشارا وشعبية.
على هؤلاء استيعاب الدرس قبل فوات الأوان، وعلى كل الفضلاء التصدي لهؤلاء الاستئصاليين الماسكين بزمام القيادة والعابثين بمصالح البلاد. هؤلاء يلعبون بالنار ونحن بسكوتنا عنهم وانجرارنا وراء مخططاتهم نعرض مستقبل البلاد للخطر.
أما «العدل والإحسان» فستبقى قوة هادئة لا تخضع للاستفزاز ولا تنجر إلى معارك جانبية لا تخدم مصلحة البلاد والعباد. ووحدها الأيام كفيلة بتمييز الخبيث من الطيب.
تاريخ النشر: الخميس 31 مارس/آذار 2011