Pages

الأحد، 19 فبراير 2012

رسالة عاجلة إلى الداعية وجدي غنيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد
سيدي الكريم
 لقد تابعت زيارتكم لتونس ومارافقها من ضجيج ولغط ...وقد كان من الممكن تفادي كل ذلك لو قدرتم الموقف ، واستحضرتم حساسية المرحلة وخصوصية الزمان والمكان ، وفوتم بالتالي الفرصة على أناس يصطادون في الماء العكر ولا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب...
لقد وجهت لكم الدعوة جمعيات سلفية حديثة العهد بالحرية ، بعد سنوات الكبت والحصار التي مارسها بنعلي على عموم الشعب التونسي..
وقد استقبلتكم استقبال الابطال والفاتحين ، وحضرت محاضراتكم جماهير غفيرة ومتحمسة وهي تهتف الله أكبر ... في ظل هذه الاجواء المثيرة أطلقتم كلاما لم  يتحمله الكثير من التونسيين - ومن بينهم الاسلاميين طبعا - لما له من تبعات سياسية وثقافية في دولة عاشت لسنوات طويلة في ظل العلمانية المتطرفة، حتى اكتسبت كثير من تياراتها حساسية مفرطة تجاه الدين
سيدي
تكلمت في أشياء كثيرة متعلقة بالاسلام،لكن للأسف لم تمس روحه ولا مقاصده ولا أولوياته ...تكلمت سيدي عن النقاب وهو مسألة خلافية، وتكلمت عن اللحية وهي مظهر من مظاهر الاسلام وعلى أهميتها تبقى مظهرا فقط ، وضاعت منك الحكمة نهائيا حين تناولت مسألة ختان النساء في بلد مثل تونس له تقاليد وثقافة مغايرة تماما للدول التي تنتشر فيها هذه العادة .
إننا نحفظ لك مواقفك النبيلة والشجاعة تجاه فلسطين وغيرها من قضايا الامة ، وكذا صدعك بالحق في وجه الحكام العرب الطغاة ، في الوقت التي كانت فيه التيارات السلفية التقليدية ، تنعت المطالبين بتغييرهم سلميا بالخوارح ودعاة الفتنة....
سيدي
اعذرني إن قسوت عليك، فلقد أبعدت وأوحشت ، وكان عليك أن تراعي خصوصيات البلد وعلماءه وكباره خاصة وأنك ضيف.

تونس بالكاد تلملم جراحها بعض الثورة المدهشة التي أطاحت بالطاغية بنعلي ، وهي تعاني اليوم من مشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية، لذلك فهي  تحتاج في هذه المرحلة الحرجة إلى الخطاب الوحدوي الذي يجمع ولا يفرق ويروج للمشترك، كالعدالة والحرية والكرامة ويستدعي أسباب الاستقرار والاستمرار
لقد كنت سيدي في حضرة مفكر إسلامي كبير اسمه راشد الغنوشي ، وهو مؤسس الحركة التي تولت أمر البلد ، وكل الرهان عليها لانقاذه وانتشاله ...وكان عليك أن تراعي هذا الرجل ومدرسته  ومنهجه ، اقتداء بالفقهاء الكبار الذي كانوا يمسكون عن الفتوى عندما يحلون بأرض فيها من هو ند لهم أو من مؤهل لذلك على الاصح.
كنت أتمنى أن ترد على الذين هاجموك بالرحمة الي هي جوهر هذا الدين ولكن للاسف قلت لهم "موتوا بغيظكم " التي هي بعيدة عن هذا الدين .         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق