Pages

السبت، 23 يوليوز 2011

حركة 20 فبراير: فرصة المغرب الأخيرة...



ظهرت حركة 20 فبرير في سياق إقليمي ملتهب ، حيث لا صوت يعلو على صوت الشعوب ، وهي تشق طريقها نحو تحرير نفسها من الطغاة والمستبدين وأعوانهم ، الذين عاثوا في البلاد والعباد فسادا واستبدادا
وليس بدعة  أن يكون الشباب في طليعة هذا الحراك، وقيادته وحامل لواءه، إذ إليه يرجع الفضل في إشعال فتيل هذه الثورات التي حيرت الكثيرين وتركتهم مشدوهين إلى عروش وهي تساقط وتتهاوى كأنها بيوت عنكبوت بعدما كان يعتقد فيها، ولزمن طويل ، أنها صروح حصينة مشيدة، ليس بمقدور أحد زعزعتها أو زحزحتها ...، فكل الثورات التي عرفها التاريخ البشري كانت مادتها الأساسية هي الشباب على اعتبار ما تتميز به هذه المرحلة العمرية من عمر الانسان من نشاط وحيوية وحماس وعنفوان ، ولقد أحسن الشاعر التعبير والوصف حين قال :
 كل صعب على الشباب يهون               هكذا همة الرجال تكون
إلا أن ما يميز الثورات العربية عن غيرها من الثورات، كونها شبابية مائة في المائة ، فكرة وتخطيطا وتنفيذا وقيادة.
في هذا السياق إذن ، ستعلن مجموعات  شبابية نيتها النزول إلى الشارع في 20 فبراير للاحتجاج على الأوضاع المتردية في البلد سواء  السياسية منها  أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الحقوقية ، رغم حكاية الاستثناء التي يروج لها كثير من المتنفعين من الوضع القائم، وقليل من الصادقين الذين انطلت عليهم  الحيلة، ورغم حملات التشويه التي رامت النيل من الحركة وأهدافها، فقد لبت ندائها 53 مدينة ، في أول خرجة، ساعتها تململ المخزن في جحره، ومعه الكثير من الانتهازيين والخائفين من وعلى شئ ما ...  
وبالنظر إلى مطالب الحركة، التي أقر الجميع بمشروعيتها ومعقوليتها، بل زاد البعض أن هي عينها مطالب القوى الديموقراطية والوطنية منذ الاستقلال،  وبالنظر إلى هذا الاستحسان والترحيب-المعلن على الأقل- الذي حظيت به، فإن عدم تجاوب من يهمهم الأمر معها ، قد يكون له عواقب وخيمة على مستقبل البلد الذي غادره الحسن الثاني رحمه الله ، وهو تتهده سكتة قلبية. هي فرصة إذن للخروج من عنق الزجاجة ، قبل أن ينفجر الوضع في مكان ما ، من هذا المغرب المختنق.  
هي فرصة للنظام للتخلص من تقاليده العتيقة في الحكم ، والتي أثبتت الأيام أنها كانت –ولا تزال- ينبوع شر وفساد على البلاد والعباد ، بما تغذيه من عبث سياسي وتخلف اقتصادي وتفاوت طبقي وتفكك اجتماعي وانحلال خلقي ... مرتكزها في ذلك فلسفة الشيخ والمريد وعقيدة الولاء والبراء: الموالون والخدام الأوفياء لا يرد لهم طلب حقا كان أو باطلا ، يدهم منطلقة في كل شئ...والمعارضون والممانعون لهم المنع والقمع وإن اقتضى الحال السجن .
هي فرصة ذهبية للتخفف من هذا العبء التقيل ، الذي ورط فيه النظام نفسه ومعه البلد بأكمله، لأنها هي المناسبة الأنسب والأمثل، لإحداث مثل هذا التغيير الذي سيكون ثقيلا بكل تأكيد على نفوس الثعالب العجوزة المالكة لوسائل الإنتاج والإكراه بلغة بيير بورديو، ذلك أن السياق الإقليمي والمحلي سيكون معينا ظهيرا له ضد كتائب الفساد والاستبداد التي ستدافع عن مصالحها حتى آخر لحظة .
وإلا ستضطر الملكية يوما ما إلى المشي وحيدة، وربما الموت وحيدة .
هي فرصة للأحزاب السياسية كي تتصالح مع ذاتها وقواعدها، وتراجع اوراقها إن بقيت لها أوراق أصلا ، وتضخ دماء جديدة في شرايينها ، بعد ردح من الزمن ، كانت فيه مجرد أداة من أدوات الاستبداد ، ومادة من مواد التجميل التي يشد بها وجهه المترهل كلما ولى وجهته نحو الغرب.
خطابنا موجه طبعا إلى شرفائها لكي يقوموا بانتفاضتهم الخاصة، ويصلوا ما انقطع مع هؤلاء الشباب الساعين إلى بناء مغرب جديد وحياة سياسية جادة وذات مصداقية ، وإلا فإن التاريخ لا يرحم أحدا .
هي فرصة للنخبة المثقفة الغائبة والمغيبة لكي تقوم بدورها الطبيعي والطليعي ، بحيث تأخذ المبادرة وتعيد للمثقف العضوي والملتزم مكانته مشاركة وإفادة واستفادة تعليما وتعلما ، وإلا فالساحة ملأى بالانتهازيين من أشباه المثقفين وأنصافهم وأرباعهم....
هي فرصة شعب بأكمله ليحدد مصيره ومستقبله بيده ، بعيدا عن أسلوب الحجر والوصاية الذي مورس عليه منذ الاستقلال ، بعدما تولت أمره تلك الفئة التي كان يسميها الفقيه البصري رحمه الله "القوة الثالثة " التي أجهضت أحلام الاستقلال وأمانيه...هي فرصة لمعرفة الحقيقة قبل كل شئ ، حقيقة ماض كيف زيف وحاضر كيف كيّف ؟
        
  
  
     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق